المادة    
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله: (وأهله في أصله سواء، والتفاضل بينهم بالحقيقة ومخالفة الهوى، وملازمة الأولى) وفي بعض النسخ: (بالخشية والتقى) بدل قوله: (بالحقيقة) ففي العبارة الأولى يشير إلى أن الكل مشتركون في أصل التصديق، ولكن التصديق يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت، كما تقدم تنظيره بقوة البصر وضعفه. وفي العبارة الأخرى يشير إلى التفاوت بين المؤمنين بأعمال القلوب، وأما التصديق فلا تفاوت فيه، والمعنى الأول أظهر قوة، والله أعلم بالصواب].
هذا الموضوع من موضوعات الإيمان، وهو يؤكد ما سبق أن قلناه: إن الإمام أبا جعفر الطحاوي لم يلتزم ترتيب وتهذيب عبارات هذه العقيدة، بحيث يجعل جملاً أو قواعد كل باب منها مجتمعة، إنما فرق الكلام في القدر وفي الإيمان وغيرها من الموضوعات كما تقدم، وكان حق هذه العبارة أن تكون في أولى عبارات الإيمان عند قوله: (والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان) أو قبل ذلك؛ لأنه تكلم في موضوع الإيمان بالله وحقيقة الإيمان وأصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، وعند غيرهم من الفرق الأخرى، مثل: الأصول الخمسة عند المعتزلة ، ثم تكلم عن الملائكة، والمفاضلة بين الملائكة وبين صالحي البشر، ثم الإيمان بالكتب، ثم قال: (ونسمي أهل قبلتنا مسلمين.. إلخ)، وقد بينا أن المقصود بها هو معاملة أهل القبلة، أي: من هم أهل القبلة؟ وكيف نعاملهم؟ ولماذا نسميهم؟ وعلى أي أساس نعاملهم؟ إن القاعدة في هذا هو الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك ، وحديث عبد الله بن عمرو ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ( من صلَى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا ).
ثم دخل في موضوع: (ولا نجادل في القرآن) فخرج عن موضوع الإيمان إلى موضوع آخر له علاقة، لكن ليس من موضوعات الإيمان، ثم عاد إلى موضوع آخر له علاقة بأهل القبلة فقال: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله) وبينا ما في هذه العبارة من خلل، ووضحنا أحكامها، ووضحنا حكم الكبيرة، سواءً كانت كبيرة عملية كالزنا وشرب الخمر وغيرها كما جاء في الحديث: ( لا يزني الزاني حين يزني هو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب المنتهب وهو مؤمن ) فهذه الأربعة المقصود بها الكبائر العملية، وكذلك بينا حكم الكبائر الاعتقادية أو العلمية، وهي البدع التي لا توصل صاحبها إلى الخروج من الملة، وكذلك النفاق وأنواعه، ثم ذكر أنواع الكفر وأنواعه قبل أن يبين ما هو الإيمان والخلاف فيه، ثم تناول موضوع الحكم بغير ما أنزل الله، ومتى يكون كفراً أكبر؟ ومتى يكون كفراً أصغر؟ ثم بينا الرد على المرجئة ، ثم انتقل إلى الفقرة التي تقول: (ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفوا عنهم...) وهي تبحث في الخوف والرجاء، ومتى يُغلَّب أحدهما على الآخر، ثم انتقل إلى سقوط العقوبة عن المسيء بأحد عشر سبباً.
ثم قال: (والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام) وموضوعها تابع للخوف والرجاء.
ثم قال: (ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بححود ما أدخله فيه)، وقلنا: هذه العبارة فيها خطأ، وهو حصر الكفر بالجحود، مع أنه قد يكون كفر إباء واستكبار وإعراض وشك ونفاق بدون جحود، وأكثر الملاحظات والانتقادات على الإمام الطحاوي هي في موضوع الإيمان.
ثم قال: (والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان، وجميع ما صح...) والعبارة هذه تشمل إلى آخر ما قال: (والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن) لكن الشارح هو الذي أطال فيها والطحاوي قال: (والإيمان: هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان) فكانت التكملة لو قال: (وأهله في أصله سواء) أو: (والإيمان واحد وأهله في أصله سواء)، لكن أدخل بينهما قوله: (وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق).
  1. خطأ من يزعم بأن الإيمان واحد

  2. تفاوت أهل الإيمان في الأعمال

  3. تخطئة المصنف في قوله: وأهله في أصله سواء

  4. معنى قول المصنف: والتفاضل بينهم بالحقيقة